اختفاء الاشياء وعودتها المفاجئة


هل حدث لك يوما ما ان وضعت شيئا فى مكان اعتدت على وضعه به ولكنه اختفى منك وبحثت عنه فى المكان الذى اعتاد ان تضعه به دوما ولم تجده بحثت فى كل الاماكن المحتملة ومع ذلك لم تجده وفجاة يظهر لك هذا الشئ فى نفس المكان الذى بحثت فيه اذا حدث لك ذلك عزيزى القارئ فلابد لك من انك تقرا هذا الموضوع


هذه الظاهرة شائعة جدا وتحدث مع اغلبية الناس تقريبا، تحدث هذه الظاهرة بشكلها النمطي والتي يرمز لها إختصارا DOP حينما يحتفظ شخص بشيء أو غرض ما فيضعه دائما في مكان محدد لكن عندما يذهب ليستخدمه لا يجده وكأنه اختفى عن الأنظار
ويبذل الشخص كل جهده في البحث عن الغرض المفقود هنا وهناك وغالبا ما يشترك مع أفراد الأسرة للبحث عنه لكن من دون أن يعثر عليه، وبعد وقت قصير أو ربما في اليوم التالي يتفاجأ الشخص بالعثور على الغرض المفقود وإذ به عاد إلى مكانه الذي يحفظ فيه عادة أو أنه عاد إلى مكان معروف كان من المفترض أن محاولات البحث الحثيثة التي بذلت للعثور عليه أن تأتي به.
فما الذي حدث هنا؟ وأين ذهب الغرض؟ ولماذا "اختفى"؟ وكيف استعيد؟ وما هو دور القوى المؤثرة في تلك الظاهرة الغريبة نسبيا؟


تاريخ ظاهرة اختفاء الاشياء وعودتها:

منذ بداية التاريخ البشري لوحظت هذه الظاهرة الغريبة .. وكل حضارة مرت بها البشرية خرجت بنظريات وتفسيرات لاختفاء الأشياء وعودتها .. في الروايات والأفلام والقصص حول العالم .. وفي المجتمع الغربي المعاصر كانوا يلومون الأرواح الشريرة فقط على اختفاء الأشياء ويتهمونها بأنها هي المسؤولة عن هذه الظاهرة ..

الطريف في الأمر أن كثير من الثقافات ذهبت لأبعد من ذلك .. حيث قالوا أنه يمكن للإنسان إرضاء تلك الأرواح ببعض الهدايا البسيطة لتقوم بإعادة الشيء الذي أخذته .. كأن نضع مكان الغرض قطعا من البسكويت أو كأسا من الحليب مثلا .. لنحوز عطف الأرواح فتعيد لنا ما أخذته منا ..
 في الواقع هناك عدة إحتمالات لحدوث الظاهرة منها ما هو عجائبي أو طبيعي ومنه ما هو نفسي أو ما اندرج في صنف الخوارق أو الماورائيات.

1- شرود الذهن


بهدف شرح هذا الإحتمال نذكر تجربة واقعية روتها إحدى السيدات حيث قالت:

"كان آخر ما فقدته بطاقة عيد ميلاد لطيفة قام زوجي بطباعتها لأمي وأظهرتها للجميع ثم تركتها على طاولة المطبخ طوال الليلة عسى أن أبعث بها في اليوم التالي لكنني لم أجدها؟ ولم يجدها أحد ولم يتذكر أيا منهم أنه نقلها، ولم نعثر عليها على الرغم من! البحث في كافة أرجاء المنزل ".

إذا نظرنا إلى الحدث المذكور أعلاه على أنه ظاهرة DOP أو تختفي كائن الظواهر علينا أولا أن نلتفت إلى أكثر الإحتمالات الطبيعية ورودا وهي أن الشخص الذي فقد الغرض قد غير مكانه ببساطة أو نسي أين وضعه وفي الواقع يشغل هذا الإحتمال النسبة العظمى لتفسير أحداث ظاهرة DOP التي يتم الإبلاغ عنها.

على سبيل المثال قد تضع امرأة فرشاة شعرها في نفس المكان دائما على طاولة التسريحة لكنها الآن لم تعد موجودة عليها، فمن الممكن جدا أن ذهنها كان مشتتا نوعا ما فذهبت وهي تحمل الفرشاة إلى غرفة أخرى حيث وضعتها على الطاولة، بطبيعة الحال حينما ذهبت لتتفقد الفرشاة استغربت بأن الفرشاة لم تكن على طاولة التسريحة.

وبما أنها تحتفظ بالفرشاة دائما على طاولة التسريحة فإنها على الأرجح ستبحث بجوارها ولن يخطر ببالها أن تبحث عنها في غرفة أخرى، لماذا؟ لأنها لن تظن أنها ستفعل مثل هذا الأمر فهي لم تفعله في أي وقت مضى، غير أن تلك الامور تحدث لنا على نحو أكبر مما نتصوره.

الاحتمال المذكور لا يلبث أن ينهار حينما تعثر المرأة لاحقا على الفرشاة وهي على طاولة التسريحة أي في مكانها المعتاد!، إلا إذا كانت المرأة تعاني من عمى مؤقت فيما يتعلق بهذا الغرض، وما عدا ذلك علينا أن نأخذ بعين الإعتبار إحتمالات أخرى.

2- المستعير

هناك سبب آخر طبيعي علينا إعتباره إذا ما أردنا التحقق بجدية من ظاهرة DOP لأن احتماله عال أيضا كالسبب السابق فعندما اختفت الفرشاة من على طاولة التسريحة وبعد أن قامت المرأة ببحثها الأولي ستقوم عندها بطرح أسئلة على الأفراد الذين يشاركونها السكن، على الرغم أنهم قد ينكرون بأنهم استعاروا فرشاة الشعر فمن المعقول جدا أن أحد أفراد الأسرة فعل ذلك، والإنكار قد يكون ناتج عن رؤيتهم لملامح الغضب على وجه المرأة أو لأنهم على علم مسبق بأن عليهم أن لا يلمسوا الفرشاة التي لا تخصهم، ومن ثم وبينما تكون المرأة (أو الأم) في مكان آخر من المنزل سيتسلل من قام باستعارة الفرشاة ليعيدها إلى مكانها على طاولة التسريحة وعندما تعود الأم إلى "مسرح الجريمة" ستندهش من عودة الفرشاة إلى البقعة التي "اختفت" منها ولكن هذا سيؤدي إلى نشوء "غموض" في المنزل.

يمكن بالطبع استبعاد هذا الاحتمال إذا كان الشخص يعيش لوحده أو لم يكن أيأ من أفراد العائلة موجودا في المنزل في لحظة حدوث DOP.

وليس إحتمالي "شرود الذهن" و "المستعير" من الإحتمالات المثيرة للفضول أو من تلك الإحتمالات التي يفضل المرء تتبعها مع أنها قد تحل غالبية أحداث DOP. لكن علينا أن نتذكر في نفس الوقت أن التحقيق في الخوارق يتطلب أولا استبعاد كافة الإحتمالات الإعتيادية والطبيعية الواردة الحدوث وذلك قبل أن نبدا النظر في الاحتمالات الأكثر غرابة.

3- انتقال الأبعاد:

 من وجهة نظر علمية فإن الأشياء يمكن أن تنتقل من زمن لآخر بين الماضي والمستقبل. تبدو هذه النظرية غريبة لكن كثير من العلماء أكدوا إمكانيتها ومنهم (ستيفن هوكينغ)، والدليل أنها موجودة في بحوث فيزياء الكم. وتقول النظرية بأن للمكان والزمان ثلاثة أبعاد مرئية للإنسان وأخرى غير مرئية، والأشياء تنزلق من بعد زماني إلى بعد زماني آخر لتعود من جديد بعد فترة إلى مكانها الأول الذي تركت فيه، القائلون بهذا التفسير يشيرون إلى أن البعض يظن أن الشيء الذي عاد هو نفسه الذي أضاعوه ، لكنه قد لا يكون نفسه. كما أشار غيرهم من الباحثين إلى أن هذا التفسير ممكن جدا ويبرر رؤية البعض لأشياء لا تعود لهم موضوعة أمامهم دون أي سبب واضح، هذا يعني أن الأشياء تنتقل بين الماضي والمستقبل.

4- جن أو روح شريرة

عند الحديث عن ظاهرة غريبة كهذه الظاهرة علينا كما ذكرنا أن نضع كل الاحتمالات والتفسيرات أمامنا، من البسيط إلى الأكثر غرابة، وهذا ما أوصل العلماء إلى التفسير الرابع حيث يؤمن واضعو هذا التفسير بقيام الجن أو الأرواح الشريرة بأخذ ذلك الشيء لفترة من الزمن ومن ثم إعادته لمكانه الأصلي، والغريب في الأمر أن أشخاصا كثر نجدهم يصدقون هذا التفسير لدرجة أنهم يبدؤون بالمناداة على الشيء الضائع ومخاطبة من اقترضه لإعادته إلى مكانه. هؤلاء الأشخاص يفسرون الأمر بأنهم أحسوا بحركة غريبة قبل اختفاء الشيء وكأن أجساما خفية تحوم حولهم، سمعوا أصوات موسيقا لم يعتادوا سماعها، التقطوا رائحة غريبة في المكان، وبعدها مباشرة اختفى ذلك الشيء. بعض الأشخاص أفاض في الحديث عن هذا التفسير بقوله أنه لاحظ اختفاء الشيء نفسه في أوقات محددة، وكان اختفاءه مصحوبا بحركة مخيفة وروائح غريبة، ثم عودته بهدوء إلى مكانه، وزادوا على ذلك بأنه في حال أضاع أحدهم شيئا وطلب بطريقة مهذبة ممن أخذه أن يعيده فسيجده قد ظهر أمامه فجأة. هذا التفسير لم يستطع العلم إثباته حتى الآن، فحتى لو اعترف العلماء بوجود الأرواح الشريرة حولنا، لكنهم لم يجدوا تفسيرا لسبب أخذها شيئا ما ثم إعادته إلى مكانه، وما ذكره بعض العلماء هو أن الشخص نفسه ربما قام باللاوعي ولا إراديا باستحضار تلك الأرواح لتحوم حوله وتأخذ أشياء تخصه ...

تقول صاحبة تجربة: "لدي كل صناديق مجوهرات جدتي ومعظم مجوهراتها ويحدث في العديد من المرات أنني أنسى وأترك ​​مجوهراتي خارج درج الطاولة أو خزانة الملابس، وفي الصباح اختفت المجوهرات من أحد الصناديق في درج طاولة التسريحة أو خزانة الملابس".

عندما تحدث ظاهرة DOP فإن العديد من الناس (إن لم يكن نصفهم) يلقون باللوم بشكل جدي على الجن أو الأرواح الشريرة، وتعرف الروح الشريرة عادة على أنها روح خبيثة ولعوب يتضمن نشاطها سماع أصوات غامضة أو موسيقى أو تحرك أغراض لا تفسير له، لذلك عندما تختفي فرشاة الشعر فإن بعض الناس سيعتقد أنها من فعل الروح الشريرة.

ولدى بعض الناس أكثر من سبب لكي يلوم الجن أو الروح الشريرة أكثر من غيرها من الأسباب وقد يكون الحال هكذا عندما لا يكون اختفاء فرشاة الشعر مسألة منعزلة وإنما تحدث تلك الأمور على نحو متكرر يثير الريبة كأن يرى الشخص أن الأغراض "تختفي" أو تنقل من مكانها على نحو منتظم على سبيل المثال أو أن هناك ظاهرة أخرى مترافقة معها مثل شم روائح أو سماع أصوات مجهولة المصدر.

في بعض الأحيان يكون للغرض المفقود تاريخ مما يعطي فكرة للشخص بأن روحا متصلة به. كأن يكون هناك ساعة يد تعود ملكيتها إلى أحد الأجداد وتنتقل دائما إلى مكان معين من تلقاء نفسها وهو نفس المكان الذي اعتاد أن يضعها فيه في حياته الماضية أو أن تشبه حالة مجوهرات الجدة المذكورة أعلاه.

وعلى الرغم أن الشخص يرجح أن روحا مسؤولة عن فقدان الغرض فإن العلم لم يكشف عن حقيقة تلك الروح، وفي المجتمع الإسلامي على وجه الخصوص حيث ينتشر الإعتقاد السائد بتأثير الجن على حياة البشر يكون الجن عادة المسؤول الأول عن فقدان الغرض في كثير من الحالات وهناك عبارة يقولها الشخص عند يأسه من البحث عن الغرض المفقود وهي: "استعاروه .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ويقصد بذلك الجن، ويدعي البعض أن قراءة سورة الضحى من القرآن الكريم ل 3 لها فضل في إعادة الغرض المفقود إلى صاحبه رغم أن البعض يعتبر ذلك بدعة ولا أساس له في الكتاب أو السنة.

ولعل ما ذكر يقودنا إلى طرح تساؤل وهو:

هل هناك روح حقيقية تعلقت بهذا الغرض فقامت بتحريك أو استعارته باستخدام قوة مجهولة لم يفسرها العلم بعد؟ أم أن ذلك النشاط أو الطاقة قد نشأ عن لاوعي الشخص وصلته العاطفية والشعورية اتجاه هذا الغرض ومالكه الأصلي؟

5- إحتجاب مؤقت

تقول صاحبة تجربة: "كانت ليلة عودتي إلى موطني بعد غياب طويل وكنت قد جلبت معي 3 فساتين منذ بضعة أيام أو قبل ذلك وخططت لإرتداء الفستان ذو اللون الأبيض والأسود، ذهبت إلى خزانة ملابسي قبل ساعة أو نحو ذلك قبل أن أستعد لحفلة الرقص فلم أعثر على الفستان في أي مكان من خزانة ملابسي! ولا حتى مع الفستانين الأخريين. بحثنا أنا و وأمي في كل مكان لكننا لم نعثر عليه. وأخيرا قالت لي أمي بأن علي أن أرتدي إحدى الفستانين الموجودين، فاخترت واحدا بلون أبيض. وبعد مرور يوم أو أكثر على حفلة الرقص ذهبت إلى خزانة ملابسي لأجد قميصا ألبسه فتفاجأت بوجود الفستان ذو اللون الأبيض والأسود الذي كنت أنوي ارتداءه في حفلة الرقص حيث كان أول قطعة من الملابس على الرف! ".

لنعد مرة أخرى إلى مثال "المرأة وفرشاة الشعر" حيث كانت تعتقد أنها وضعتها على الطاولة كما هو الحال دائما على طاولة التسريحة، لكنها فقدت وبدأت بالبحث عنها، ولنفترض عدم وجود أي أحد في المنزل يمكن له أن يستعيرها، بعد وقت قصير تجدها مرة أخرى على طاولة التسريحة.

كانت شخصية المحقق (شرلوك هولمز) تقول في مغامرة (بيريل كورونت): "إنها مقولة قديمة لي وهي أنه عندما تستبعد المستحيل فلن يبقى لديك سوى الحقيقة مهما كانت طبيعة الأمر الوارد".

وهنا نقول للسيد (هولمز) أنه هناك أيضا تفسيرا واردا في مسألة "المرأة وفرشاة شعر" أو "ملابس الفتاة" وهو أن تحتجب أغراضهما أو تصبح غير مرئية لفترة مؤقتة فقط.

في الحقيقة لا وجود لفرضية علمية تسمح لشيء أو غرض بأن يصبح غير مرئيا ومن ثم وبعد وقت بسيط يعود ليصبح مرئيا مرة أخرى إلا أن هذا هو بالضبط التأثير الذي يدركه بعض من عاش تجربة DOP. وإذا كان هذا الغياب المؤقت ممكنا بطريقة ما فإنه يثير الكثير من التساؤلات: كيف ولأي سبب أصبح غرض معين غير مرئي؟ وهل لهذا التأثير صلة حميمية ناجمة عن الإستخدام المنتظم من قبل الشخص؟ أم أنه تأثير مادي أو فيزيائي ناتج عن آليات غير معروفة أو مدروسة في العقل البشري؟


وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون "الإحتجاب" ظاهرة نفسية، أي أن الغرض ما زال هنا أمامنا حقيقة لكن انتباهنا مشتت لدرجة أننا لا نراه أمامنا، وإن كان يصعب عليك تصديق ذلك يمكنك أن تقرأ عن إختبار الإنتباه الإنتقائي الانتقائي الاهتمام اختبار.